Hi quest ,  welcome  |  sign in  |  registered now  |  need help ?
تزامن صدور هذا العدد مع حدث تاريخ سوف يترك بصماته على مستقبل الوطن العربي، وهو انفصال جنوب السودان عن شماله، ما ينذر بتداعيات خطيرة تؤثر على المنطقة العربية برمتها، فيما لا تزال نار الثورات تجتاح ربوع المنطقة وتنادي بالتغير لكل الأنظمة الشمولية الحاكمة.
00000000000000000000000000000000000000000000000000000

Header Ad Banner

إقصاءٌ غير مفهوم

Written By مجلة لوتس الإلكترونية on الاثنين، 1 أغسطس 2011 | 12:16 م




عندما انتهت الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتى بإعلان بروسترويكا جورباتشوف التى فككت دوله, بحثت أمريكا عن عدو تتوهمه ,لتمارس سلطتها ونفوذها على الأرض , كونها تستشعر قوتها , وتريد توظيفها , بما يحقق مصالحها أو يُبقي على سلطانها كدولة عظمى ..
 فتشت أمريكا فلم تجد إلا الإسلام عدواً قائما وقادماً, ولابد من بقاء كل الترتيبات الدفاعية , لمواجهة خطر الإسلام , بدأ الأمر بفرضية نيكسون , التى ألف حولها كتابه عن الإسلام كخطر يهدد العالم , نسي نيكسون أنه كلف مستشاره "هربرت جرين" بالبحث فى مكتبات الكونجرس , والمخابرات والأمن القومى , وكل جهة لها صلة بالبحث والدراسة عن الإسلام , قام المستشار بالمهمة خير قيام , عاد إلى نيكسون بعد ستة أشهر بخلاصات بحثه الموضوعية والمتجردة من خلال مراكز بحوثهم ورصدهم , ليلقي إلى نيكسون بحقيقة لا تقبل الجدل : الإسلام لم يكن يوماً يمثل خطراً على البشرية , وأنه ــ أي جرين ــ أثناء بحثه اقتنع بالإسلام كدين حضاري مشرق باحترام الإنسانية على حد سواء.

انتهى روبرت من تقريره , غيرأن نيكسون أخبره أنه لم يعد يجدي , فقد تم توزيع كتابه , وأفلت من يده ..
هذه مقدمة طويلة نوعاً , اضطررت إليها وأنا أتأمل النظام الفاسد وهو يتخذ ــ كأمريكا بعد الحرب الباردة ــ  الإسلام فزاعة يتكىء عليها فى البقاء والاستمرار , ويختلق من الأحداث ما يشوه الصورة ويرسخ دموية واستبدادية الإسلام , ليظل مبرر الإبقاء على الاستبداد أفضل من تمكين الإسلام .

خلال هذه المرحلة  ــ للأسف الشديد ــ انعكس بشكل مخز كره للإسلام على العامة والخاصة , وغاب منطق العقل فى التمييز من خلال واقع الإسلاميين , فى حياة الناس , وغدا كل خير يقدمه الاسلاميون مشكوك فيه , بل بالعكس كل معروف فهو منسي , ومنكور , وذاكرة  الكثرة للأسف  سريعة النسيان , فغدت لا تتذكر فضلاً , بقدر ما تضخم سوءاً .
لا أنكر أن ممارسات شتى  لبعض الإسلاميين تتسم بالسلبية , عكست انطباعاً مسيئاً , لكنها وحدها لم تشكل الصورة المشوهة عن الإسلام , فإن الجزء الأكبرــ بلاشك ـ مارسته الأنظمة من خلال أجهزة إعلامية وأمنية لا تعمل ولا تقتات إلا من خلال تشويه الإسلاميين .
كان هذا قبل ثورتنا الكاشفة طبيعياً لأنه كان سلوك نظام مهمته تكريس وضع قائم على التردي والفساد ومبرره في البقاء التخويف من الإسلام . لكن بعد الثورة والتحام شرائح المجتمع بعضها ببعض , وزوال السلطة الصانعة لأجواء الترهيب والكراهية , لم يعد مقبولاً أن يستمر مسلسل  تشويه الدين سواء من خلال استغلال  سوء تصرف بعض الإسلاميين , وهذه يمكن تحجميها وتوجيهها , أو من خلال قوى تعمل متخفية بنفس الأسلوب الأمنى السابق فى اختلاق أحداث مغايرة , أو قد تكون عفوية وعابرة لكن يتلقفها إعلام مضلل لم تطهره الثورة بعد من دنس النفاق , فيظل ينفخ فى أوار الكراهية لكل ما هو إسلامى , من خلال أحداث مصنوعة ومواقف مدفوعة تستغل الجهل والحاجة فى قرى مصر لممارسة شذوذ أخلاقى وقيمي يتم تلفيقه بالإسلاميين نكاية أو عمالة سمها ما شئت , فا ستقراء الحدث والتعاطى معه على تلك الشاكلة من التضخيم لا يمكن أن يوصف بغير ذلك ، وقد تحركه يد هنا وهناك تريد أن تحدث فوضى حتى لايستقرأمر الثورة على نظام يقترب من أو يقرب الإسلام من حياة الناس . 

إن الوطنى المخلص لا يتلقف الخطأ , ولا يشيعه, بل قد يعتذر عنه ويستنكره من غير ربطه بفصيل أو تيار , وليعلم كل مدعى الوطنية , المتخوفون على الثورة , المترصدون للدين , المتحفزون ضده ,أن الشعوب  لن تكره دينها , وسوف يكون خيارها , ولن ترضى بغير مرجعية للإسلام تضبط وتوجه وتفصل فى كل سلوك الأمة , وأن دينها لا يخالف الديمقراطية فى أى قيمة أو مبدأ يكفل حقوق الإنسان على كل المستويات , ويقر بتداول السلطة وفقاً لاختيارات قائمة على استقامة السياسات بما يحقق مصالح الأمة , ويقيم علاقات متوازية ويحترم العهود والمواثيق , ويقيمها فيما بعد على أساس من توازن المصالح , وهو دين أعرف ما يكون بالدولة المدنية فى صورتها المثلى , وهو أسبق إلى التمرس بها قبل أوروبا  الحديثة لقرون عدة  من غير مواءمات أو موازنات تخل بشرف القصد ونبل الوسيلة .

تاريخنا شاهد على ذلك , واستهداف أمتنا هو الذى عمل على تكريس الاستبداد , وتفعيل فقه طاعة المستبدين على غير حقيقة سيرة الإسلام ومسيرته فى نهوضه الحضارى ،  الذي بنت عليه أوروبا المتنكرة لحدوده , حين قفزت على الحضارة الإسلامية , بربطها حضارة الغرب بحضارة اليونان وإسقاط الفاصل الزمنى لحضارة الإسلام التى أشرقت بعلومها ونورإنسانيتها على الكرة الأرضية , وقت أن كانت أوروبا تعيش ظلامها الدامس فى كنسية ثيوقراطية تحكم بصكوك غفران , وتعبد البشر لغير الله .
لقد آن لشعوبنا أن تعرف حقيقة الدولة الدينية فى المفهوم الغربى الذى يعني حكماً كنسياً بغيضاً مستبداً , والدولة الدينية فى المفهوم الإسلامى الذى ارتبط بإقامة العدل ,و المساواة بين البشر كل البشرفى الحقوق والواجبات .

إن ما يمارسه إعلام ما بعد الثورة ضد الدين فى  نعته الإسلاميين بكل نقيصة وتلفيقه التهم من غير دليل أو تبيين إنما يعنى أنه يكمل المهمة بوعى أو بغير وعى , تلك التى تحض على كراهية الدين , حتى تكون هى الحائل دون وصوله يوماً للحكم , بربطه فى الذهنية  ثنائية مكذوبة بين الإسلام والاستبداد حال وصول الإسلاميين .

إنه لأمر غريب أن ُترتضى الديمقراطية وسيلة ثم تصبح نتائجها مزدوجة المعايير حين تأتى بالإسلاميين .
لست أنزه الممارسات عن الخطأ والخطيئة لدى بعض الإسلاميين كسلوكيات فردية وشخصية ،ولكني ضد حملة منظمة تمارس إقصاءً للدين عن الحياة وكأن الدين هو العدو .

قد تكون هذه الممارسة الإقصائية مفهومة  أو طبيعية حين تأتي من  المخالف فى الدين , ولكنها غير متفهمة ولامقبولة من جيش من
المسلمين يتسترون بالديمقراطية وهم ينكرونها فى المحك الواقعى ,حين تكون الغلبة للإسلاميين من خلال اقتراع نزيه أو استفتاء شفيف ، فتنكشف سوءات ادعاء الديمقراطية التى لاتحترم اختيارات الأغلبية الساحقة فتقصي وتستبد بمخالفيها فى سلوك لن ينطلي على العامة فى ظل حرية،  تنكشف على أعتابها حقائق الانتماءات , وطبيعة التحركات ومصادر التمويلات ،وحينئذ سندرك يقينا أنها ثورة كاشفة لكل خبيئة مهما تسترت فالله كاشفها ليميز الخبيث من الطيب، في إعلام مرد على النفاق ، وطبع على الكذب ، لايعترف بأدب الخلاف أو شرف الخصومة .

                                                                            ماجدة شحاتة
                                                                          كاتبة وباحثة مصرية
                                                                         مدونة ملامح مصرية

-----------------------------------------------------------------------------------
 

0 comments:

إرسال تعليق