Hi quest ,  welcome  |  sign in  |  registered now  |  need help ?
تزامن صدور هذا العدد مع حدث تاريخ سوف يترك بصماته على مستقبل الوطن العربي، وهو انفصال جنوب السودان عن شماله، ما ينذر بتداعيات خطيرة تؤثر على المنطقة العربية برمتها، فيما لا تزال نار الثورات تجتاح ربوع المنطقة وتنادي بالتغير لكل الأنظمة الشمولية الحاكمة.
00000000000000000000000000000000000000000000000000000

Header Ad Banner

العدل.. أساس المُــلك

Written By مجلة لوتس الإلكترونية on الأحد، 31 يوليو 2011 | 1:37 م

كنا نظن أن حكم العسكر في مصر قد سقط بعد تسعة وخمسون عاماً بمجرد سقوط آخر الأباطرة المصريين في ثورة يناير، كنا نظن أن الجيش المصري الذي دعم الثورة ووقف في صفها منذ نزوله إلى الشوارع في الثامن والعشرين من يناير سوف يستمر في أداء دوره المشرف خاصة بعدما استرد حقوقه التي سلبها منه نظام مبارك البوليسي،
كنا نظن أيضاً أن مصر سوف تمضي على طريق الاستقرار والتقدم لاستعادة مكانتها، وأن بعد أيام المخاض الصعبة مولود جديد يحمل كل الصفات الوراثية للمصري الأصيل. ولكن، ولأن بعض الظن أثم؛ فإن كل من ظن بأن الطريق إلى الجنة مُعبـّد بالورود لم يقترف اثماً وحسب، بل أجرم أيضاً في حق نفسه، وحمّـل غيره بأحلام وردية وكأننا بقدرة قادر عثرنا على مصباح علاء الدين السحري أو خاتم سليمان.

حسناً، لنعود إلى البداية،
بخلاف كل التكهنات، فإن الذين أشعلوا فتيل ثورة يناير المصرية هم أبناء الطبقة المتوسطة، بعدما سبقتهم سنوات من المحاولات والتحولات أفضت في النهاية وبعد الكثير من التفاصيل إلى ما حدث وأبهر العالم، وأظهر الصورة الحقيقية للمصري المسكون بحب مصر، والحامل لهمومها، دون أن يغفل، أو ينسى قوميته، وهويته الإسلامية، ومشاكل وطنه الكبير.
أخرجت هذه الثورة أجمل ما في المصريين، وكحتت كل الصدأ الذي اعترى هذه الشخصية الفريدة، أظهرت للعالم أن المصريين كانوا على النقيض من قرارات النظام المخلوع، وأنهم كانوا يرافضون التطبيع، والمُهادنة مع العدو الصهيوني والأمريكي الذي يقتل اشقائنا كل يوم، 
لم يكن هناك مصري شريف يقبل بغلق معابر رفح، وزيادة الحصار بالسور الفولازي، وتصدير الغاز إلى اسرائيل، رغم أن العالم لم يكن يرى سوى الواجهة، والواجهة كانت هى النظام العميل الذي كان يتمسح في عباءة الغرب ويقبـّل أيدهم فقط من أجل مصالح شخصية، وليذهب المصريون وصورتهم إلى الجحيم.

وجاءت الثورة أخيراً، لتحرر مصر من نير العبودية، من الأغلال التي كانت تثقل الأعناق، من القيود التي كانت تدمي الأيادي، ومن الشكمات التي كانت تخرص الألسنه. لكن المشكلة، هى أن الحديد لا يُطرق إلا وهو ساخناً، فبعد نجاح الثورة كان لابد أن تسود الشرعية الثورية، ولا تبقى الشرعية الدستورية معلقة إلى أن جاء مشهد المسخرة للاستفتاء على تعديل الدستور.
الاسلاميون، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمون والسلفيين لعبوا على وتر الدين كالعادة، واستغلوا جهل العامة وأوهموهم بأن (نعم) تعني الاستقرار .. تعني الانتخابات التشريعية، ثم الرئاسية، وبعد ذلك يجيء وضع الدستور.
فأي خرف بعد ذلك؟
هل تبني البيوت من أعلى إلى أسفل أم من أسفل إلى أعلى؟
قصد الإسلاميون من ذلك تضليل الناس بينما هم الذين يحملون كتاب الله وشرعه ومنهاجه على ظهورهم،
قصدوا تضليلهم عن عمد لأنهم يعلمون أن الانتخابات في حالة الفوضى لن تمنح أحدا الفرصة كي يكشف عن وجوههم ومخططاتهم للوصول إلى كرسي الحكم في مصر.
وإن كانوا يظنون أن من يقول الدستور أولاً لا يرضى بحكم الله فليراجعوا الأشرطة المسجلة لأيام الثورة، ويروا الذين كان يصلون صلاة المسلمين، والذين كانوا يحمونهم،

ليس هناك عاقل يعيش على أرض مصر يرفض حكم الله، يرفض أن يسود شرعه الذي يحترم المسيحي قبل المسلم، ولكن الحكم بمرجعية دينية هو سكين ذو حدين، هو إحدى مثالين: التجربة الأفغانية الدموية أو التجربة التركية الحديثة التنموية،
هل لمصر القدرة على تحمل التجربة وتبعاتها ومن ثم الخطأ أو النجاح؟ .. أعتقد لا
لذا فإن المطالبة بحكم مدني لا يعني خروجاً عن الدين، أو كفراً بالله، بل هو مطلب عقلاني لدولة تسود فيها حقوق المواطنة، والتي بالبداهة يكفلها الدين.

وبعد تولي المجلس العسكري دفه السفينة، ربما نسى الثوار أن مبارك هو ابن هذه المؤسسة، وهو الذي نقل إليها صلاحياته بعد تنحيه وسقوطه الدرامي. وانفض المولد بعد ذلك، اللهم إلا من بعض المناوشات التي أدت إلى سقوط وزارة الدكتور شفيق، وجاءت وزارة الدكتور شرف محمولاً على أعناق الثوار في ميدان التحرير.
جاءت بطلب أول هو: أعطونا الفرصة.
وبعد شهور من هذه الفرصة.. ماذا تحقق من أهداف الثورة؟

إن سقف المطالب لم يرتفع بشكل جنوني كما يظن البعض، ولكنه ارتفع ليواكب حالة الانتصار الكاسح الذي تحقق، لأن ما حدث في تونس، والدم الذي اريق في شوارع مصر هو ما ألهم المصريون برفع سقف مطالبهم من مجرد تظاهرة للمطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، إلى إسقاط النظام الذي قتلهم، ومن ثم المطالبة بالقصاص العادل، فهل هذا كثير؟

أين قناصة الشرطة، وضباطها، وعسكرها الذين قتلوا خيرة شباب وأبطال هذا البلد؟
لماذا تبدأ الحكومة في المحاكمات المالية، وتنسى الدم أو تؤجله؟
لماذا يُحاكم الكبار وعلى رأسهم مبارك على جرائم فساد مالي، ولا يُحاكمون بتهمة القتل؟
هل دم المصريين رخيص إلى هذا الحد؟
هل تلك المطالب تتنافى مع عدل السماء الذي نص صراحة على أن من قتل يقتل ولو بعد حين؟
هل بريق الكرسي قد أعمى الذين يجلسون فوقه عن حقائق بديهية سوف تمتص غضب الجماهير المشحونة، وتخرج بمصر من هذه المتاهة الضبابية؟

لكن أقول وأكرر، وسأظل أكرر بأن ما تم هدمه في تسع وأربعون عاماً هى مدة حكم العسكر لمصر، لن يُبنى في يوم وليلة، فالهدم أيسر من البناء. ولكن تبقى الاشكالية أن مخزون الصبر قد نفذ، وطاش العقل وحل محلة الجنون وهاجس الخوف على ضياع الثورة التي كانت باهظة التكاليف.

وبين حكومة رمادية، وثوار معتصمون في الميادين منذ الثامن من يوليو تبقى الحقيقة المؤكدة أن الثورة لم تحقق أهدافها، مازال جهاز الشرطة فاسداً، وحركة التنقلات الأخيرة أثبتت ذلك، مازالت المحكامات غير عادلة، والنظام القضائي ميزانه مائل، مازال مبارك الذي قتل مصر كلها في مستشفى عشرة نجوم، ومصابي الثورة يموتون من الإهمال الطبي، مازال هناك من يتاجر بالدين، ويتلاعب بعقول الأغلبية، مازال هناك الكثير، لأن النظام الحاكم لمصر هو مثل تلك القرية التي سألوا عنها جحا يوماً فقالوا:عد لنا المجانين في هذه القرية. قال: هذا يطول بي.. ولكني استطيع بسهولة ان اعد لكم العقلاء.

يا سادة، اخلصوا النوايا لله، واعدلوا لأن العدل هو أساس الملك.

هاني النجار


-----------------------------------------------------------------------------------


0 comments:

إرسال تعليق