Hi quest ,  welcome  |  sign in  |  registered now  |  need help ?
تزامن صدور هذا العدد مع حدث تاريخ سوف يترك بصماته على مستقبل الوطن العربي، وهو انفصال جنوب السودان عن شماله، ما ينذر بتداعيات خطيرة تؤثر على المنطقة العربية برمتها، فيما لا تزال نار الثورات تجتاح ربوع المنطقة وتنادي بالتغير لكل الأنظمة الشمولية الحاكمة.
00000000000000000000000000000000000000000000000000000

Header Ad Banner

صلاح نصر .. بين مطرقة الفن، وسندان اعتماد خورشيد

Written By مجلة لوتس الإلكترونية on الجمعة، 1 يوليو 2011 | 2:35 ص





التاريخ بحر أصعب ما فيه أنه بلا شاطيء، لأنه يعتمد على الحقائق، والحقائق ليست مطلقة بل هى دائماً وأبداً في مكان ما بين أطراف الصراع، تغشاها ضبابات الكذب حسب الميول والأهواء، ولا تتجلي صورة هذه الحقائق إلا فوق لسان شهود عيان لا تربطهم بقضية الصراع مصلحة، أو منفعة، وهذا افتراض يطيح بصرح الحقيقة من أساسها لأنه يستوجب بقاء الشهود أحياء يرزقون إلى الأبد مما يتنافى مع الواقع مصداقاً لقول مارك توين: لو كان الموتى يتكلمون لما أصبح التاريخ مجموعة من الأكاذيب السخيفة.
ولأن الإنسان – بحكم طبيعة تكوينه – لا يضع نفسه مواضع التهم، فإنه من العسير الوقوف على حقيقة ثابتة، وأحداث واقعية حدثت بالفعل ما دام الراوي هو أحد أطراف النزاع، فلا يصلح أن يكون الشاهد والخصم والقاضي شخصاً واحداً لاسيما في قضية شائكة تدور في فترة من تاريخ مصر هى الأكثر غموضاً وبلبلة، وفيها كان التاريخ الذي يُكتب في النور شيئاً أخر عما كان يكتب في الظلمات وخلف الأبواب المغلقة.

تلك الحقبة شهدت صعوداً درامياً لمجموعة من المصريين كانوا ضباطاً بالجيش لكنهم على هامش الحياة، وفجأة - وبين ليلة وضحاها – وجودوا أنفسهم وعن طريق صدفة لا تتكرر كثيراً يحملون مقاليد الحكم في مصر ويحتلون صفحات عريضة من تاريخها الحديث.

واحداً من هؤلاء هو صلاح نصر،
ثالث رئيس لجهاز المخابرات العامة المصرية بعد زكريا محيي الدين، وعلي صبري، 
اسمه بالكامل: صلاح الدين محمد نصر النجومي، 
يقول عنه تاريخه الشخصي أنه ولد في الثامن من أكتوبر عام 1920 بإحدى قرى مركز ميت غمر، محافظة الدقهلية. وعاش فترة طفولته وصباه بمدينة طنطا، وبعد العديد من التنقلات في مدن مصر تبعاً لتنقلات والده، استقر في القاهرة، والتحق بالكلية الحربية، ثم انضم إلى تنظيم الضباط الأحرار.
وليلة انقلاب الثالث والعشرين من يوليو عام 1952 كان قائداً للكتيبة 13.
وفي 23 أكتوبر عام 1956عينه عبد الناصر نائباً لمدير جهاز المخابرات العامة في ذلك الوقت علي صبري، وبعد أقل من عام واحد، وتحديداً في الثالث عشر من مايو عام 1957 تولي صلاح نصر رئاسة الجهاز. ولكنه قدم استقالته ثلاث مرات، كانت المرة الأولى بسبب تحيزه للمشير عبد الحكيم عامر عام 1962، والثانية بسبب رغبة عبد الناصر في توكيل المخابرات العامة بالنظر في قضية الإخوان المسلمين، وكانت المرة الثالثة عقب نكسة يونيو حيث اصيب بجلطة ولازم الفراش.
ولكنه بعد ذلك ادين في قضية انحراف المخابرات وتم الحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاما، كما ادين في قضية مؤامرة انقلاب المشير عامر وتم الحكم عليه بالسجن 25 عاماً، لكنه قضى في السجن سبع سنوات، وخرج ضمن مجموعة اخرى في عفوِ من الرئيس السادات عام 1974، لكنه ظل متأثراً بالأزمة الصحية التي ألمت به عقب النكسة حتى وافته المنية في الخامس من مارس عام 1982.

صلاح نصر؛ واحداً من الشخصيات المعقدة إلى أبعد حد، والتي تثير العديد من التساؤلات حول ماهية هذه الشخصية المحيرة.
فهل هو ذلك الوحش الفوضوي الشهواني ذو السلوك السادي الحاد والمنحرف كما صورته السينما والدراما بلغة الرموز في العديد من الأعمال، منها الدور الذي جسده كمال الشناوي في فيلم الكرنك، والدور الذي جسده عادل أدهم في فيلم حافية على جسر الذهب، كذلك محمود يس في مسلسل سوق العصر.
أم هو هذا الرجل الذي استطاع بناء جهاز مخابرات قوي أصبح في غضون سنوات واحداً من أقوي الاجهزة المخابراتية في العالم؟

قال جان بول سارتر: من ضمن الأخطاء الكبري التي يقع فيها الأفراد والشعوب أن تضع معلوماتها في قوالب من حديد.
لذا ليس من الإنصاف أن نقر بوجهة نظر ثابتة عن الرجل اعتماداً على معطيات تاريخية لم نكن شهوداً عليها، ولا حاضرين حين وقعت هذه الأحداث. ومن هنا كان التاريخ بحر أصعب ما فيه أنه بلا شاطيء، فعندما نريد أن نرى الجانب المشرق من حياة الرجل، فنقرأ كتاباته، أو نتناول انجازه الضخم المتمثل في بناء جهاز المخابرات العامة المصرية الذي شهد له العالم، وقام ببطولات خرافية في زمن وجيز، فقد تتكون صوب ناظرينا وجهة نظر تفصح بأنه رجل وطني، 
ولكن على الجانب الآخر نجد أن ما فعله من فرض سيطرة، وتجبر وتعذيب في السجون بيد جلاديه - حمزه البسيوني، وصفوت الروبي - وما إلى ذلك من أفاعيل كلها مدونة غالباً في كتابات ضحاياه سواء من الإسلاميين أو من اليسار على السواء.

وفي عام 1988، صدر كتاباً ( اعتماد خوشيد، شاهدة على انحرافات صلاح نصر) وأثار هذا الكتاب عاصفة من التساؤلات رغم أنه لم يغرد خارج السرب، بل (فضح) - على حد تعبير البعض - انحرافات صلاح نصر، 
غير أني أرى – وهذه وجهة نظر انطباعية ليست أكثر – أن هذا الكتاب قد تطرف كثيراً، وبالغ في تصوير الرجل حتى بدا في صورة وحشاً منزوع الانسانية والملامح. كما تطرق إلى الحياة الشخصية، وعزف على وتر الفضائح للكثير من الشخصيات العامة والفنية حتى وإن كان استخدم الأحرف، بما أعطى انطباعاً عن صفحات الكتاب بأنها صفراء.
فمن هو صلاح نصر؟
هو جباراً أصابه جنون العظمة، وتحلل من أواصر الدين ونسي أن هناك رب يُمهل ولا يهمل فعاث في الأرض فساداً، ثم كان من الذين قال عنهم الله تعالى: " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا، ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام"
أم هو بطل أرسى قواعد جهاز المخابرات العامة المصرية بكل بطولاته لكن سوء حظه أوقعته أعماله الإجرامية بين مطرقة الفن، وسندان اعتماد خورشيد التي كانت زوجته؟
لا أحد يستطيع الجزم، لتبقى الحقيقة في مكان ما.
    

                                                                                                               هاني النجار

حمل كتاب اعتماد خورشيد الممنوع - شاهدة على انحرافات صلاح نصر ( من هنــــــــــــا )


-----------------------------------------------------------------------------------
اذهب إلى:   الصفحة الرئيسية    فهرست العدد    أرشيف المجلة

0 comments:

إرسال تعليق